على الرغم من أن طقسها شديد البرودة إلاّ أنها صارت قبلة للمسلمين الفارين من جحيم الشيوعية الحمراء؛ إذ وصلت أول طلائع المسلمين من التتر الروس مع الجيش القيصري لتشييد قلعة (أبو مار سوند) وقلعة (سومينلينا – سفييورح) على إحدى جزر هلسنكي، وبقيت مجموعة من (800 - 1000) مسلم شكلوا النواة الأولى للوجود الإسلامي هناك. واستمر التتر هناك كأقلية محدودة إلى أن وصل ستالين إلى السلطة وأوسع القتال والتصفية والتهجير في أوساط المسلمين الذين لم يجدوا أمامهم بدًا من مغادرة الأراضي السوفيتية، ومعظمهم من تتر القرم وجمهورية آسيا الوسطى الإسلامية.
وقد استقبلت فنلندا هؤلاء المسلمين الذين شكل التجار أغلبية منهم، إلاّ أنهم احترفوا جميعاً تجارة الفراء والمنسوجات، مما دفعهم لاختيار العاصمة هلسنكي والمناطق المحيطة بها، وحققوا نجاحات كبيرة ساهمت في اندماجهم في المجتمع الفنلندي، وبعد حوالي نصف قرن، وتحديداً في بداية السبعينيات بدأ المسلمون يتوافدون على فنلندا من مختلف المناطق العربية سعياً للحصول على اللجوء السياسي؛ فراراً من جرائم الصهاينة في فلسطين، أو من تعسف بعض الأنظمة التي تفننت في تهجير شعوبها، غير أن هذا التوافد لم يكن بأعداد كثيرة بسبب برودة الجو وعدم تقديم البلاد دعمًا مالياً للاجئين، مقارنة بالسويد والدنمارك، واستمر التوافد في بداية التسعينيات حيث وصل إلى فنلندا آلاف من مسلمي البوسنة وكوسوفا هروبًا من جرائم عصابات ميلوسوفيتش، وكذلك وصل آلاف العراقيين والصوماليين والمغاربة، ولكن بوتيرة أكبر بعد أن حققت البلاد طفرة اقتصادية كبيرة جعلتها تضاعف دعمها للاجئين.